خطبة الجمعة القادمة 25 أكتوبر 2024م بعنوان : "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"
الهدف المراد توصيله إلى جمهور المسجد :
خطبة (وقولوا للناس حسناً)
إن الهدف من هذه الخطبة هو توجيه وعي جمهور المسجد إلى أن الإنسان يخاطب الناس جميعًا بأحسن القول وأجمل الكلام، وأن يطهر لسانه من الكذب وفحش القول، مع الإشارة إلى أن نقول للناس حسنًا في عالم الواقع أو في العالم الافتراضي السوشيال ميديا.
العناصر
۱ - الكلام الطيب والقول الحسن من أعظم ما يهدي الله عز وجل إليه الإنسان.
٢ - أمر الله تعالى بالقول الحسن لجميع الناس.
٣- ثمرات الكلمة الطيبة في عالم الواقع وفي العالم الافتراضي (السوشيال ميديا).
الأدلة من القرآن :
قوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} .
قوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الحَمِيد .
قوله تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ .
قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}.
الأدلة من السنة:
حديث: «في الجَنَّةِ غُرْفَةٌ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا لَنْ أَلَانَ الكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ اللَّهِ قَائِمًا وَالنَّاسُ نِيَام .
حديث: «إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ المَغْفِرَةِ بَذْلَ السَّلَامَ، وَحُسْنَ الكَلَامِ».
حديث: «هَلَّا تَرَكَتَ الشَّيْخَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى أَكَوْنَ أَنَا آتِيَهُ؟».
نص الخطبة
جمهورية مصر العربية وزارة الأوقاف
۲۲ ربيع الثاني ١٤٤٦هـ
٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤م
وقولوا للناس حسنا
الحَمْدُ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ كَمَا تَقُولُ، وَلَكَ الْحَمْدُ خَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، سُبْحَانَكَ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، وأشهدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلا الله وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، إِلَّا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا، وأَشْهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَخِتَامًا لِلأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ اللَّهُمَّ صَلَّ وسلَّمْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانِ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ: فَإِنَّ مِن أَعْظَمَ نِعَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يَهبَهُ لِسَانًا طَيِّبًا أَنِيفًا، وَيَهْدِيَهُ إِلَى أَنْ يَنْطِقَ بِكُلِّ حَسَنٍ رَفِيعِ مُنِيرٍ، فَيُدْخِلَ السُّرُورَ عَلَى النَّاسِ بِبَدِيعِ كَلَامِهِ، وَيُكَفِّكِفَ دُمُوعَهُمْ بِعَذَبٍ قَوْلِهِ، يُشَجِّعُ بِكَلِمَتِهِ طِفْلًا، وَيُقَوِّي ضَعِيفًا، وَيَجْمَعُ شَمْلَ أُسْرَةٍ، فَأَكْرِمْ وَأَنْعِمْ بِهِدَايَةِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}. أَيُّهَا النَّاسُ الْزَمُوا مَعَالِيَ الأُمُورِ وَمَكَارِمَ الأَخْلَاقِ {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا، قُولُوا لِكُلِّ النَّاسِ حُسْنًا، فَإِنَّ القُرْآنَ حَكِيمٌ فِي اخْتِيَارِ كُلَّ لَفْظِ وَانْتِقَاءِ كُلَّ كَلِمَةٍ، فَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ : (وَقُولُوا لِلْمُسْلِمِينَ)، بَلْ قَالَ: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ ، أَيْ: لِكُلِّ النَّاسِ مَهَا كَانَ دِينُهُمْ أَوْ جِنْسُهُمْ أَوْ لَوْتُهُمْ فَانْتُرُوا رَقِيقَ الكَلَامِ وَحُلْوَهُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ؛ اجْبُرُوا خَوَاطِرَ النَّاسِ حَتَّى يَجْبُرَ اللَّهُ خَوَاطِرَنَا، وَاعْلَمُوا أَنَّ صَاحِبَ القَوْلِ الحَسَنِ يَذْكَرُ فِي السَّمَاءِ، فَيَرتفِعُ عِنْدَ اللَّهِ ذِكْرُهُ، وَيَرْتَقِي إِلى رَبِّ العَالَمينَ عَمَلُهُ، قَالَ تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ.
إِنَّ الكَلِمَةَ الحَسَنَةَ حَيَاةٌ نَابِضَةٌ بِالنُّورِ وَالأَمَلِ وَالتَّفَاؤُلِ، فَهَنِيئًا لَنْ تَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالْكَلِمِ الطَّيِّبِ الجَمِيلِ الرَّقِيقِ الَّذِي يُنيرُ بِهِ عَالَمَ الوَاقِع وَالعَالَمِ الافْتِرَاضِي (السوشيال ميديا)، وَلْيَهْنِهِ كُلُّ الخَيْرِ وَالفَضْلِ وَالنَّعِيمِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةٌ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا لَمَنْ أَلَانَ الكَلامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَبَاتَ الله قَائِمَا وَالنَّاسُ نِيَامٍ، وَقَال صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ المَغْفِرَةِ بَذْلَ السَّلَامَ، وَحُسْنَ الكَلَامِ». أَيُّهَا السَّادَة! قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا، فَإِنَّ فِي القَوْلِ الحَسَنِ طَاعَةٌ لِأَمْرِ رَبِّكُمْ، وَنَزْعًا لِفَتِيلِ الأَزْمَاتِ وَالخُصُومَاتِ بَيْنَكُمْ، وَإِفْشَالًا خُطَطِ الشَّيْطَانِ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، وَاسْتَمِعْ إِلَى هَذَا البَيَانِ الإِوِيِّ: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَعُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}.
قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا، فَكَمْ مِن كَلِمَةٍ حَسَنَةٍ دَفَعَتْ أَذًى، وَنَصَرَتْ مَظْلُومًا، وَفَرَّجَتْ كُرْبةٌ، وَعَلَّمَتْ سَائِلًا، وَذَكَرَتْ غَافِلًا، وَهَدَتْ مُسْتَرْشِدًا ، وَرَأَبَت صَدْعًا، وَأَطْفَأَتْ فِتْنَةٌ! وَكَمْ مِنْ حِبَالِ وُدُّ وَصَلَتْهَا كَلِمَةٌ، وَكَمْ مِنْ خُصُومَاتٍ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ أَزَالَتْهَا كَلِمَةٌ! اجْعَلُوا كُلَّ كَلَامِكُم ذَوْقًا، وَنُورًا، وَتِرْيَاقَا وَبَلْسَمًا، وَإِيَّاكُمْ وَالفُحْشَ وَالسَّبَّ وَالشَّتْمَ وَالتَّنَمُّرَ والتَّنَقُصَ بِأَيِّ لَفْظِ أَوْ إِشَارَةٍ، فَمَا كَانَ صَاحِبُ الجَنَابِ الْمُحَمَّدِيٌّ صَلَوَاتُ رَبِّ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا سَبَّابًا، ولا لَعَانًا، بَلْ كَانَت كُلُّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فِمِهِ الشَّرِيفِ تَتَنَزَّلُ عَلَى قَلْبِ مَنْ يُخَاطِبَهُ كَأَنْفَاسِ الزَّهْرِ فِي فَجْرِ الربيع، وكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ كَأَنَّ النُّورَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ ثَنَايَاهُ.
***
الحَمْدُ اللهِ رَبِّ العَالَمينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:
فما أجمل أَنْ نَطَيِّبَ الْقَلْوبَ وَالنَّفْوسَ بِكَلِمَةٍ حَسَنَةٍ، كَمَا طَيِّبَ رَسَوَّلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلْبَ الشَّيْخ الكَبِيرِ أَبي قُحَافَةَ، حِينَ جَاءَ بِهِ ابْنُهُ الصِّدِّيقُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِيُسْلمَ | بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَّا تَرَكَتَ الشَّيْخَ فِي بَيْنِهِ حَتَّى أَكَوْنَ أَنَا
أَيُّهَا الكِرَامُ لِيَكُنْ شِعَارُنَا {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ، انْشُرُوا الحَبّ فِي قُلُوب آبَائِكُمْ وأُمَّهَاتِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمْ بِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ انْظُرُوا الرُّدَّ بَيْنَ أَرْحَامِكُمْ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، انْشُرُوا الإِجَاءَ بَيْنَ النَّاسِ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، شَيْدُوا قِلَاعَ المَحَبَّةِ بِجَمِيلِ كَلَامِكُمْ، كُونُوا الأَخْلَاقِ النُّبُوَّةِ وَارِثِينَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ كَمَالَ الْوِرَاثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}.
اللهم حَسَنُ أَخْلَاقَنَا وَطَيِّبُ كَلَامَنَا وَاهْدِنَا لِمَا يُقَرِّبْنَا إِلَى رِضَاكَ.
تحميل الخطبه للطباعه
حمل الخطبه بصيغة وورد docx من هنا
حمل الخطبه بصيغة بى دى اف pdf من هنا